كاتب تركي يرد على هاشتاغ "لا نريد سوريين في بلدنا".. لمن حمّل مسؤولية التجييش؟

كاتب تركي يرد على هاشتاغ "لا نريد سوريين في بلدنا".. لمن حمّل مسؤولية التجييش؟

انتقد الكاتب التركي، إيركام كوشوجو، تعاطي بعض وسائل الإعلام التركية مع ملف اللاجئين السوريين في تركيا، حيث تلعب دوراً رئيسياً في خلق العداء بينهم وبين الأتراك، عبر ترويج أخبار كاذبة والكثير من الشائعات.

واستعرض الكاتب كوشوجو عبر مقالة تحليلية نشرها في موقع "حق سوز خبر(link is external)" التركي، أمس الخميس، وترجمته "السورية نت"، العديد من العناوين والأخبار التي نشرتها وسائل إعلام تركية حول اللاجئين السوريين وآثارها المتعلقة بالعلاقة بين الشعبين.

توليد للكراهية

وافتتح الكاتب مقالته بالقول :"تحاول العديد من المقالات  تصوير الكره بأنه ناتج عن المشاكل المعاشة مع اللاجئين السوريين (...) فمثلاً بالنسبة لحادث ميدان تقسيم في رأس السنة وانتشارها، وما تسببت به من كراهية للسوريين، فهو ليس  بالحدث الجديد، معتبراُ هذه الحادثة مثالاً على التعاطي الإعلامي من جهة واحدة وتغذية الكراهية من قبل بعض المواقع الإعلامية".

وكان أتراك قد تداولوا على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يُظهر عدداً من السوريين وهم يحتفلون ليلة رأس السنة في ميدان تقسيم بمدينة إسطنبول، وكانوا يهتفون بصوت عالٍ "سوريا..سوريا"، وتسبب الفيديو بحملة مطالبة من قبل بعض الأتراك بإخراج السوريين من بلدهم.

وهاجم الكاتب كوشوجو حملة التجييش ضد اللاجئين السوريين في مواقع التواصل، وقال إن "حجة الكثير من الأشخاص الذين يطالبون بإعادة السوريين؛  هي أنهم يشكلون خطراً يهدد بتقسيم تركيا، ويمكن النظر لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل أوسع من هذا الطرح كثيراً".

واعتبر الكاتب أن الهاشتاغ الذي انتشر على موقع "تويتر" ضد السوريين وجاء فيه: "لا أريد السوريين في بلدي"، يمثل أحد أمثلة التعاطي الإعلامي مع السوريين من قبل المتعصبين في وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضاف كوشوجو أن الأخبار الأكثر انتشاراً وشعبية حول اللاجئين، هي أخبار جرائم الخطف، والسرقة، والاعتداء، ما يجعل اللاجئين في خانة المشتبه بهم دوماً، منوهاً إلى أن نفس الجرائم  لو ارتكبها مواطنون أتراك، لما حصلت على نفس المستوى من الاهتمام، وهو ما اعتبره أحد نقاط القصور في الإعلام التركي.

وتابع الكاتب عرضه لتعاطي الإعلام التركي مع موضوع اللاجئين السوريين، بقوله: "تروج وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لفكرة أن السوريين هم سبب  البطالة في تركيا، ويشكلون حملاً اقتصادياً كبيراً عليها، وهو أمر ينتشر بشدة في وسائل التواصل الاجتماعي".

وتطرق كوشوجو إلى التفجير الذي وقع في مدينة الريحانية جنوب تركيا قرب الحدود مع سوريا عام 2013، والتي دُبرت من قبل أجهزة مخابرات نظام بشار الأسد، وراح ضحيتها 52 قتيلاً، واعتبر أحد المواقع التركية أن "الثلاثة ملايين سوري في إدلب مشتركين في الجريمة وجميع اللاجئين الفارين من الحرب إرهابيين!".

وذكر الكاتب أيضاً أن  بعض المواقع التركية، نشرت أخباراً حول معسكرات لتدريب أطفال (تابعة للإرهابين) في نفس الوقت الذي انتشرت فيه صور المصور قيصر، والتي وثقت استشهاد 11 ألف معتقل سوري في سجون نظام الأسد جراء التعذيب.

لماذا لا تحملون السلاح؟

وهذا السؤال يتردد بين بعض الأتراك على مواقع التواصل الاجتماعي، متوجهين به إلى السوريين الذين يعيشون في بلدهم، وتستغل بعض وسائل الإعلام وبعض الأطراف في تركيا هذا التساؤل للتجييش ضد اللاجئين.

وفي هذا السياق، قال أحد الكتاب: "هنالك 500 ألف رجل سوري قادر على حمل السلاح في تركيا، خرجوا من بلدهم وبدل أن يقاتلوا تراهم يتسكعون في الأزقة ويدخنون ويتعلمون التزلج"، وهو ما اعتبره الكاتب كوشوجو تهجما وتحقيراً للاجئين.

وشدد الكاتب كوشوجو على أنه في الكثير من الحالات والأحاديث عن اللاجئين السوريين في تركيا، فإن المعلومات السلبية المنشورة حول السوريين تكون بلا مصدر، أو أن مصادرها مبهمة وغير معروفة.

"ضحية أخبار كاذبة"

وأصبح فيه السوريون ضحايا للأخبار الكاذبة التي تنعكس سلباً عليهم، وعلى علاقتهم مع أفراد المجتمع التركي، بحسب ما ذكره تقرير سابق نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2018، وقال فيه إن الأخبار والمعلومات الكاذبة عن اللاجئين السوريين، تُضعف من عملية اندماجهم مع الأتراك، وتخلص حواجز بينهم.

وذكر الموقع مثالاً على أخبار كاذبة انتشرت عن السوريين في تركيا وكان لها صداً كبيراً، موضحاً أنه في الثالث عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تم نشر مقطع فيديو على موقع "تويتر"، ظهر فيه رجل زُعم أنه سوري جالس على قمة تمثال مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية، في مدينة أديامان الجنوبية الشرقية.

وجاء في تغريدات كُتبت حول محتوى الفيديو: "تم منع مهاجر سوري من قبل الشرطة والمواطنين من محاولة تحطيم تمثال مؤسس الجمهورية التركية".

انتشر الفيديو وتمت مشاهدته من قبل أكثر من 330,000 مستخدم، لكن بعد أسبوعين في يوم 27 تشرين الثاني، كشفت منظمة teyit - لتحري الحقيقة ومواجهة الأخبار الكاذبة المنتشرة على الإنترنت - أن الفيديو كان خبراً مزيفاً، وقالت: "ادعاء (فيديو: رجل سوري هاجم تمثال أتاتورك في أديامان): مزيف".

والأخبار الزائفة ليست نادرة في تركيا وليس محصورة بتاتاً بقصص عن السوريين، فهنالك واحد من كل اثنين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا، يعتقد أنه يصادف أخباراً زائفة كل أسبوع، وفقاً لتقرير الأخبار الرقمية الصادر عام 2018 عن مؤسسة رويترز. وهذا أعلى معدل بين الدول الـ37 المدرجة في التقرير.

ومنذ أن تم إطلاقها قبل عامين حققت منظمة teyit.org بحوالي 700 من مواد المحتوى المشبوه في وسائل التواصل الاجتماعي، كاشفة الكذب التام لحوالي 500 منها، و60 أخرى كانت مزيجاً من الكذب والواقع، وبقيت قلة منها غير مؤكدة، إلا أن المحررين يستمرون بالتحقق من القصص التي تقع في ذات نطاقها بين حين وآخر على أمل كشف الحقيقة.